17 فبراير 2010

"موضة" التنمية البشريّة

[ حضور طاغٍ ]
كان من بين الأمور الأكثر لفتاً للانتباه في زيارتي الأخيرة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب كثرةُ كتب التنمية؛ فلافتة "كتب تنمية بشرية" حاضرة في كثير من المكتبات  بمكان محفوظ، بل وتكاد تكون قاسماً مشتركاً بين مختلف المكتبات !
والحقيقةُ أنّ للتنمية البشريّة حضوراً طاغياً، برز في السنوات الأخير ليس على صعيد "الكتاب" ومعارضه فحسب؛ بل يتعداه إلى انتشار مراكز التدريب والتطور الذاتي، ناهيك عن حضوره اللافت في وسائل الإعلام، واشتغال حتى الدعاة الإسلاميين بهذا "الفن"... و القائمة لا تنتهي عند مواقع الإنترنت المتخصّصة.

[ "مفارقة" ]
اشتريت العام الماضي كتاباً في التنمية البشريّة، لأكتشف -لاحقاً- أنه عبارة عن "قصص" إما عاشها المؤلف او استُشير فيها. ومع إيماني أن من تمام العقل والفطنة التعلّم من أخطاء الغير إلا أنّ علم النفس التربويّ يثبت -في ذات الوقت- أن ما يصلح لواحد قد لا ينفع غيره وما يفيد أحدا قد يضرّ آخر، والمفارقة أن المثال الصارخ لهذه "الحقيقة" هو ديل كارنيجي ..
- نعم ديل كارنيجي نفسه الذي يُعتبر أبو التنمية البشرية وصاحب كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" الكتاب الذي حقق مبيعات فلكية على مستوى العالم وترجم للغات أهل المعمورة (ويمكن إدراجه أيضاً تحت بند الفنّ القصصي!). فقد وضع المؤلف -في النهاية- حدّاً لـقلقه بـــالانتحار (بعد إصابته بسرطان الدم) !

[ تنمية بشرية ! ]
أنا لست ضدّ التنمية البشرية كما أني لست معارضاً لها على إطلاقها وليس لدي أدنى شكّ بأنّ كلّ الإنسان يمكنه الإستفادة من هذا الفنّ . لكنّي على يقين أنه ما دامت كتب التنمية البشرية [بالاضافة لكتب الأبراج والطبخ كما تقول الإحصاءات (!)] تحتلّ قوائم أعلى المبيعات في معارض الكتاب (كمؤشّر طبعاً) فلست آمل بأيّ تنمية بشرية... باختصار: أنّ الإنغماس في الإهتمام بالتنمية البشرية -برأيي- تماماً كمن يقضي جلّ وقته بتعلم كيفية تنظيم وقته.

3 بصمات:

NwRaS يقول...

السلام عليكم
لقد تحدث العالم الجليل ابن الجوزي رحمه الله في العلوم وشرفها فيقول ان العلم اكثر من العمر لذا على الانسان ان ياخذ من العلوم الشريفة"بالتاكيد هي ما ينفع الانسان ليضعه على المسار الصحيح ديني او دنيوي" ويركز على اشرفها، الغريب ان بعض الناس اصبح كل همهم هذه العلوم فهو لا يقتني الا كتبها -وان كان لديه غيرها لم يقراها- ويتابع برامجها، ولا يدري حتى ما الخطوة التالية بعد قراءة هذا العلم-وان استغرق عمره- والحديث يطول.
والانكى من كل ذلك ان كثير ممن يمارسون مهنة التدريب فيها لم يحصل على الثانوية العامة ولم تتعد مدة دراسته لهذا العلم الشهر، البعض يدرس فن النجاح واخر شهادة حصل عليها شهادة الميلاد.

مَريم عبد الحكيم يقول...

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع ملفت جداً (بالنّسبة لي على الأقل) فأنا من الأشخاص الذّين يحبّون قراءة هذا النّوع من الكتب ، وبقدر الله حالياً - وبعد إنقطاع كذا أسابيع عن المكتبة - بدأتُ بقراءة كتب د.إبراهيم الفقّي ، والبّارحة بالذّات شعرت بشعور رائع أثناء القراءة .

وقد أزعجني حقاً حين قارنتها بكتب الطبخ والأبراج .. ممممم على الأقل يجب أن ننظر إلى هذا الموضوع بمنظور إيجابي ، النّاس أصبحوا يهتمّون بقراءة هذا النّوع من الكتب ، وهذا أيضاً جيّد :)

لا أريد التعليق أكثر ، لكن عليكَ إعادة النظر إلى ذلك النّوع من الكتب ، لأنه حقاً رااااااائع (مجرّد رأي)

جوزيتَ خيراًأخي محمّد
والسـّلام ..

محمّد يقول...

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

1)أنا أيضاً أستمتع بقراءة هذه الكتب، لكن ما (أحتجّ) عليه في هذه التدوينة اعطاء هذه لكتب حجماً أكبر مما تستحقّه مثلا هناك أناس كثيرون لا يقرأون إلا في هذه النوعية من الكتب ؛ فهذا التصرّف يناقض مفهوم التنمية البشريّة !
وقد أشرت في نهاية التدوينة أني لست ضدها بالمطلق.

2) لا داعي للانزعاج ؛ أنا لا أقارنها بكتب الأبراج أو الطبخ لكن أشرت الى حقيقة أن الاحصاءات تشير الى تصدّر هذه لكتب قوئم اعلى المبيعات
----
نسيت ان ارحب بك في مدونتي !
اهلا بك وآمل ألا تكون هذه الزيارة الأخيرة
دمت بخير