22 أغسطس 2010

مقتطفات من "البيان والتبيين"

[عُمدة كتب الأدب]
قال ابن خلدون: "سمعنا من شيوخنا في مجالس التعليم أن أصول فن الأدب وأركانه أربعة دواوين وهي: أدب الكاتب لابن قتيبة، وكتاب الكامل للمبرد، وكتاب البيان والتبيين للجاحظ وكتاب النوادر لأبي علي القالي، وما سوى هذه الأربعة فتبع لها وفروع منها".
والكتب الثلاثة التي عدها ابن خلدون قد رجعت في كثير من فصولها إلى البيان والتبيين !

يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء، وجميع ما في هذه التدوينة مقتبس من جزئه الأوّل (وقد أخصّص تدوينة أخرى لمزيد من المقتطفات -نظراً لقيمة الكتاب- عندما أنهي الكتاب كاملاً ان شاء الله) 

[حظوظ.. أم اعتلالٌ في الذوق؟!]
والعامّة ربّما استخفّت أقلَّ اللغتين وأضعفَهما [...] ولذلك صرنا نجدُ البيتَ من الشعر قد سار (اشتهر) ولم يسْرِ ما هو أجودُ منه، وكذلك المثل السائر. وقد يبلغ الفارسُ الغايةَ في الشهرة ولا يُرزق ذلك الذكرَ والتنويهَ بعضُ من هو أولى بذلك منه.

[في البلاغة والبيان]
من مواضع مختلفة من الكتاب:
 - لا يكون الكلامُ يستحقّ اسم البلاغة حتّى يُسابق معناه لفظه، ولفظُه معناه... والبلاغة منها ما يكون في السكوت ومنها ما يكون في الاشارة
 - فبأيّ شيء بلغْتَ الأفهام وأوضحت المعنى، فذلك هو البيان في ذلك الموضع.
 - ومن أراد معنى شريفاً فليلتمس له لفظاً شريفاً.
 - وكما لا ينبغي أن يكون اللفظ عامّيّاً سوقيّا، فكذلك  لا ينبغي أن يكون غريباً وحشيّاً.
 - ... وقد يُحتاج إلى السخيف في بعض المواضع، وبّما أمتع بأكثر من امتاع الجزل الفخم.

[نصيحة للكتّاب والأدباء]
فإن ابتُليت بأن تتكلّف القولَ وتتعاطى الصنعة، ولم تسمح لك الطباعُ في أوّل وهلة، وعصى عليك بعد اجالة الفكرة، فلا تعجل ولا تضجر ودعْه بياضَ يومِك أو سوادَ ليلِك، وعاوده عند نشاطك وفراغُ بالك.

[...ولو أنصفت لم تَلُمِ]
"وهذا الفرزدق كان مشتهراً بالنساء وكان زيراً غوانٍ وهو في ذلك ليس له بيتٌ واحد في النّسيب مذكور.. وجرير عفيفٌ لم يعشق امرأةً قطّ وهو مع ذلك أغزلُ النّاس شعراً"

تعقيبًا أقول: تذكّرني هذه المفارقة بالمقولة التى تزعم أنّ "أعذب الشعر أكذبه" ومع تمام عدم ايماني بهذه العبارة ..غير أني على قناعة أنّ الكتابة في الغزل أو عن الحبّ لا تعني بالضرورة أنّ كاتبَها ولهان أو أنّه "يفكّر فيه كثيراً" !! ... (وهذا الكلام يستوجب تفصيلاً لا يحتمله هذا المقام)

[هدف شخصي :)]
وكان عُمر بن الخطّاب (رضي الله تعالى عنه) لا يكاد يعرض له أمرٌ إلا أنشد فيه بيتَ شعرٍ.

[رأي آخر للجاحظ في "الصمت"!]
وليس الصمتُ كلّه أفضلَ من الكلام كلّه، وليس الكلام كلّه أفضلَ من السكوتِ كلّه، بل قد علمنا أنّ عامّةََ الكلامِ أفضلُ من السكوت [...] والرواةُ لم يرووا سكوتَ الصامتين كما رووا كلامَ الناطقين (!). وبالكلام أرسل الله أنبياءَه لا بالصمت. ومواضعُ الصمت المحمودة قليلة، ومواضع الكلام المحمودة كثيرة. وطولُ الصمتِ يفسدُ البيان [...] وإذا ترك الإنسانُ القولَ ماتت خواطرُه وتبلّدت نفسُه وفسد حسُّه

[جبروت غير مسبوق، وبلاغة غير مسبوقة]
أراد الحجّاج الحجّ فخطب النّاس فقال:
" أيها الناس اني اريد الحج، وقد استخلفت عليكم ابني محمّدًا هذا واوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله في الانصار، إنّ رسول الله أوصى أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم.. ألا واني قد أوصيته أن لا يقبل من محسنكم وألا يتجاوز عن مسيئكم..
ألا وإنكم ستقولون بعدي مقالة ما يمنعكم من إظهارها الا مخافتي، ألا وانكم ستقولون بعدي (لا أحسن الله له الصحابة).. ألا واني معجلٌ لكم الاجابة (لا احسن الله الخلافة عليكم)" 
ثم نزل.

3 بصمات:

حرّة من البلاد..! يقول...

السلام عليكم
أخي موضوع شيق ومهم ,وأنا مع الرأي الذي يقول أن
الكاتب يكتب ما يملي عليه حسه ,وليس بالضرورة قد عاش تجربة ما كي يكتبها ,ولكنه أكثر حسا وإدراكا لما يدور من حوله وأكثر من يقدر أن يعبر بأسلوب راق
عن أي حدث .
بارك الله فيك ,وبالتوفيق دائما

رحـيقٌ مخـتُوم ~ تسنيم / يقول...

مرّ بيَ عهدٌ منذ آخر زيارة وآخر تعقيب لي في مدوّنتكم
وقد طال تحديثكم لتدوينات جديدة ..

آملُ أنّهُ مُرحّبٌ بي =]

تدوينة قيّمة ، كتابٌ من عنوانهِ يبين ؛

راقَ لي التنوّع ليستحوذ الكاتب على اكثر من فئة وذلك بتعدّد الذائقة، مِنها كان المُنطلق والكلام.

تبدو الأبوابُ، بها مبعثُ الحديث، متعدده إلا أنني ارى في كثير منها المصبّ ذاته ،،

نرقبُ مزيدا أكيدا،
لا يعودُ بالشكّ و"قد"

تحيّة ترقى !

لبنى يقول...

اعجبتني هذه المقتطفات .. سيكون البيان والتبيين كتابي القادم ان شاء الله

شكرا اخي محمد :)

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر