11 نوفمبر 2010

رواية/ دموع على سفوح المجد

[القراءة الالكترونيّة]
في مكان ما على صفحات الانترنت، وفي وقت ما .. لا أذكر متى وأين تحديدًا، كنت قد مررت على رواية تُدعى "دموع على سفوح المجد" راقت لي القصة التي تدور حولها الرواية فبقيت في بالي، وقبل أيّام مررت على اقتباسات من الرواية أعجبتني فقمت بتحميلها.
ولأنّها صغيرة (120 صفحة) جرّبت من خلالها فكرة القراءة عبر الحاسوب لتكون أوّل "كتاب" أقرؤه كاملاً عبر الحاسوب.. يبقى لرائحة الورق وملمسها سحرًا خاصّاً ولكن القراءة عبر الحاسوب لم يكن بها بأس.

[القصّة]
تدور الرواية حول محورين أساسيّين يتمثّلان في:
 - هموم الشباب في ظلال الفساد المجتمعي والتدهور الأخلاقي.
 - التغيير و"النهضة" المنشودة للمجتمعات الاسلاميّة التي تعاني اعتلالاً في الأولوليّات واهمالاً للبحث العلمي، وعدم الاهتمام بالمواهب ودعمها.
من خلال شخصيات القصّة الرئيسيّة (لن يحتاج القارئ قراءة سوى الصفحات الأولى ليستنتج أنّ لكلٍّ من اسمه نصيبا!):
   عصام: بطل الرواية، شاب خلوق، مجتهد ونابغة، طامح.
   الدكتور اياد عزّت: دكتور في الجامعة يتبنّي عصام علميّاً ويوجّهه أدبيّاً ويصبح بمثابة والده الذي توفي وهو صغير.
   سامية: ابنة الدكتور اياد وهي مجتهدة وخلوقة.. ينشأ بينها وبين عصام "حبّ طاهر" ثم يخطبها.
   سعد: شاب مجتهد وملتزم دينيّاً، يوجّه عصام نحو طريق الهداية (عصام في القصّة مؤدب وملتزم لكن لم يكن متديّنًا)
   صفوان: طالب مستهتر، غني وابن مسؤول كبير يحقّق له ما يريد
   منى: صديقة سامية، وطالبة مجتهدة لكن صفوان يوقعها بكلامه المعسول في علاقة حب غير عفيفة.
وجميعهم زملاء في كلّيّة واحدة، والدكتور اياد أحد مدرّسيهم.

["أدب اسلامي"/ بعض المآخذ]
قياسًا على المصطلح غير الرائج "الأدب الاسلامي" يُمكن اعتبار هذه الرواية من صميم الأدب الاسلامي.. لغة القصّة بسيطة، وفلسفتها غير عميقة وفي نفس الوقت ليست سطحيّة، تناقش قضايا مهمّة.. متعدّدة ومتشابكة مثل الدعوة، الفهم الشمولي للاسلام، الزواج، الحجاب وعمل المرأة، وبشكل رئيسيّ فكرة "الموت" وغيرها.

ممّا يؤخذ على الكاتب أحيانًا أنّه يميل للمباشرة والخطابيّة كما في حوار سعد وعصام حول فهم الإسلام، وحوار عصام وسامية حول الحجاب.. فقد اتّسم الحواران بلغة وعظيّة تقليديّة، وبإطار غير متمكّن أدبيّاً -برأيي-  (لست أعارض جوهر ما جاء بتاتًا ولكن للأدب أسلوبه ولكلّ مقام مقال) وبرغم بعض الاستطراد لم يصل الكاتب لدرجة الملل. اللغة الوصفيّة والسرديّة كانتا متميّزتين، وكذلك عناصر الرواية ما خلا جزئية الحوار التي أشرت إليها.

مُنى تستجيب لهواها وتنقاد لنفسها الأمّارة بالسوء في ظلّ تأثّرها بكلمات صفوان وانقيادها لعاطفة حبّ موهومة. وذلك كما بيّنه الكاتب من خلال مجريات القصّة عامةً وبيّنه صراحةً في فصولها الأخيرة، بيد أنّه بشكل غير مبرَّر مطلقًا ربط بين كونها فقيرة وبين علاقتها بالشاب الغني صفوان في أحد فصول الرواية.. لا سيّما والرواية تتحدّث حول البيئة "الفاسدة" و المتردّية أخلاقيّاً في الجامعة وتأثيرها على الشباب في هذه المرحلة من حياتهم، وليس ثمّة ما يدعو لربط العلاقة بالفقر وإن أمكن ذلك!

[مشوّقة؟]
كانت القصّة بالنّسبةِ لي شائقة جدّاً؛ ذلك أنّ عنوان الرواية أوحى لي، أوّلَ ما أوحى، بأنّها تراجيديّة.. أو أقلّه فيها لحظات تأزم، في حين أنّي ما كنت أنهي فصلاًُ أو "أطوى" صفحة حتّى أجدها أجمل من سابقتها مجرىً، بل وأحيانًا كنت أنفجر ضاحكًا على بعض "المواقف"! 
وكلّما استجدّ حدثٌ ما في مجريات القصّة أقول: "لعلّ العقدة الكبرى في الرواية ستكون هُنا".. بيد أنّ الكاتب كان يخبّئ كلّ ذلك للنّهاية!

[سريعًا]
- الرواية رائعة جدّاً و.. "ساذجة" نوعًا ما!
- المؤلّف: "د. عماد زكي" ولم أجد في الشبكة العنكبوتيّة عنه أيّ معلومات سوى أنّه كاتب هذه الرواية، والظاهر أنّه من الأردن (تحديث: عماد زكي: سوري - حاصل على شهادة في طبّ الأسنان)
- الرواية منشورة لأوّل مرة سنة 1984، وصدر منها عدّة طبعات.
- تعمّدت/ حاولت قدر الاستطاعة ألاّ أذكر نهاية الرواية، أو أكشف بعض الأحداث لئلاّ يفسدَ عنصر التشويق لمن يودّ قراءتها :)
- لتحميل الرواية.

[اقتباسات]
اقتباسات ومقاطع أعجبتني:

= "إنّ حُبّه الطاهر ينمو ويكبر مع الأيّام، لكنّه يكتمه عن الآخرين لأنّه يؤمن بأنّ المكان الطبيعي لهذه العاطفة الفطريّة النبيلة لا يكون إلاّ في ظلال الزواج وهو لا يفكّر بالإقدام على هذه الخطوة قبل التخرّج"


= " - ألا ترى معي أنّ عملية التغيير هذه عمليّة صعبة؟!
  - هي صعبة فعلاً.. وقد تبدو مستحيلة عندما يرى المرء العقبات التي تعترض طريق العودة إلى الإسلام، لكنّي أعتقد أنّ المستقبل لهذا الدين"


= "  الحل يكمن في مجموعة من الناس تؤمن بالإسلام بشموله وعمقه ونصاعته وتفهم العصر بظروفه ومعطياته.. بسلبياته وإيجابياته، وتعيش الإسلام في حياتها العصرية الواقعية، فترسم بسلوكها الوضعي وتعاملها النظيف، وتحركها الإيجابي المفيد في المجتمع صورة الإسلام الصافي الأصيل كما أنزل الله... "


= " قالت في حياء وهي تتشاغل برصف الأكواب على الصينية: كثيراً ما تنهالُ المعاني على نفسي فتفيض بي المشاعرُ وتتدفق.. تريد أن تنبثقَ وتفصحَ عن مكنونها، فأكِنّها في أعماقي لأبوحَ لك بها.. وعندما أراك يُثقل الحياءُ لساني فلا ينطلق بها!"


= " - هل أفهم أن الحبّ عندك يعني التملّك ؟
ابتسم عصام وأجاب: الميل المتبادل إلى التملك بين الزوجين من مقتضيات الحب الصادق العميق.. ينبغي أن يشعر كل منا بأنه ملك للآخر، بل جزء من الآخر.. إنَّه نتيجة منطقية لاتصال المشاعر ووحدتها وانصهارها في شعور واحد"


= " يجب أن تكون شخصيتك أقوى من ذلك.. ينبغي أن نتحرر من ضغط المجتمع الفاسد.. أن نتصرف بوحي من مبادئنا وقناعاتنا.. أن نكون فاعلين في المجتمع لا منفعلين به "


= " قد يخطئ الرجل فلا يتعدّى خطؤه إتلاف آلة أو خسارة صفقة، أما إذا أخلت المرأة بوظيفتها فإنها بذالك تحطم جيلاً وتدمر أمة. إنّ أكبرَ مأساةٍ تعيشُها البشريةُ اليومَ هي غيابُ المرأة عن مسرحِ التربية، وتخليها عن وظيفتها الحساسة للخادمة أو دور الحضانة ووسائل الإعلام، مما أدى إلى فساد الأجيال الجديدة واضطراب شخصيتها، لأنّها لم تتلقَ القدرَ الكافيَ من العطف والرعاية والاهتمام، ولم تتناول الجرعاتِ الكافيةَ من الحنان الذي لا بدَّ منه لكلِّ شخصية سويّة.. وقد بدأ المصلحون والمفكرون في الشرق والغرب يدركون خطورة هذه الظاهرة الاجتماعية المدمرة وأخذوا يهيبون بالمرأة أن تعود إلى عشّها لتمارس وظيفتها الإنسانية الطبيعية..  ليتَ المرأةَ في مجتمعِنا تدركُ هذا " (<< ليته يوجد خطّ بحجم أكبر! ^_^)


= " يا لها من نهاية تعيسة لقصة حبّ مزيفة.. حبّ؟!.. أي حبّ هذا؟!.. إنه ضياع.. عاطفة متوثبة عطشى تبحث عمن يرويها، فصادفت صفوان لُيترعَها بسمومه، فماتت بعد تخبط طويل "


= " إنّ الإنسان مهما طغى وتجبّر فإنّه ينطوي على بذرة خير مهيّأة للإنبات "

= " نحن لا تنقصنا التكنولوجيا المتطوّرة والخبرات الماهرة، بقدر ما تنقصنا التربية ويعوزنا الضمير"

~ في حفظِ اللهِ دمتم ~

4 بصمات:

رحـيقٌ مخـتُوم ~ تسنيم / يقول...

الحقّ ان تصويركم للرواية وعرضكم لها شيّق أضعافَ ما كان من الروائيّ نفسِه

ولولا المقدمة هنا ما شرعتُ بادئةُ بها =}
،
قد أتممتُ قراءتها ...
كلاسيكيّة فيما يتعلق بالأحداث،
قد مرّ عليّ كثيرٌ كثير مشابه
لكن مؤثرة جدا جدا
على الأقل فيما يتعلق بالأحداث المأساوية في نهايتها :(

رحـيقٌ مخـتُوم ~ تسنيم / يقول...

قد مررتُ لاحقاً بجميلِ اقتباساتِك من الرواية
ولا أخفي، قسم منها يصفُ شيئا من اهتماماتك المتعدّدة في مجالات الحياة الكثيرة ويعطي خلفيّة من ذلك :)

لكن،

هناك جملة واحده نطق بها عصام اجابة على موقفٍ معيّن
احببتها بشدة؛
قولهُ لسامية في حضرة والدها : (لعلك تريدين الإنصراف لأجلي.. أرجو أن تجلسي إن كان الأمر كذلك..)

مُحمّــد أبوزر يقول...

بالفعل لم أجد الأحداث شيّقةً في ذاتها.. لولا أنّي كنت أنتظر ذلك الجزء "التراجيدي" الذي تصوّرته من عنوان الرواية :)

أهلاً بك

غير معرف يقول...

الا ردن

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر