21 مارس 2011

الأدب بين علم النّفس ونظرة المجتمع


= الآليّات الناضجة:
توجد هذه الأليّات عن الأشخاص الناضجين والأصحّاء،
سأكتفي منها بذكر ما دعاني لكتابة التدوينة السابقة من اصلها (كي تتضّح الصورة^^)

= التسامي أو الإعلاء:
وهي من أهم الحيل وأفضلها، والأكثر انتشاراً ويدل استخدامها على الصحة النفسية العالية. ومن خلال هذه الآليّة تتقبل الذات الدافع الغريزي ولكنّها تحوّل طاقته من موضوعه الأصلي الى موضوع بديل ذي قيمة ثقافية واجتماعية. ومن أمثلة الإعلاء في السلوك هو اعلاء غريزة حب الاستطلاع بحيث تتوجه الى روح البحث العلمي او الإبداع الفنّي او الحِرَفي أو الوصول بصاحبها الى أعلى درجات المهارة الفنّية في العمل أو المهارة الإجتماعية في التعامل مع الناس، وبهذه الوسيلة أو الحيلة الدفاعية يمكن ان تُسحب العدوانيّة الفجّة من نطاق الخصومات البشرية او تأجيج العدوان بين الناس اومع الذات، وهي وسيلة للتخلّص من المشاعر المكبوتة داخلياً وتصعيدها بوسائل مقبولة اجتماعياً حتى تصبح الطاقة المهيئة للنفس القوة الفعالة في مواجهة المصاعب الحياتية او الابداع في العمل الخلاق.

وفيها يحاول الفرد التعبير عن دوافعه غير المقبولة بصورة أخرى مقبولة للمجتمع كأن يحاول الشخص ذي الميول العدوانية العمل كملاكم أو محارب، أو حارس امن، وبهذه الطريقة يعبر عن رغباته باسلوب مقبول.
ومن أمثلتها النتاجات الفكرية والأدبية والشعرية والفنية التي ما هي إلا مظاهر لأفعال تمّ التسامي بها وإعلاءها من دوافع ورغبات داخلية مكبوتة في النفس إلى أعمال مقبولة وتجد الرضا من أفراد المجتمع(!). وهي عبارة عن النشاطات الإنسانية التي لا صلة لها ظاهريا مع الجنسية لكن تستقي قوتها من النزوة الجنسية، وتنصبّ على موضوعات ذات قيمة اجتماعية كالرسام والرياضي والكاتب.

[إنّ الكتابة تطهّر ما يعلق بنا لحظة الولادة.. / أحلام مستغانمي]
يقول علماء النفس: يمكن للتسامي ان يحوّل جزءًا لا يُستهان به من الدافع الجنسي الى طاقة مقبولة اجتماعيًّا وابداعيًّا، بحيث تجلب الأنشطة والفعاليات الخلاقة من أيّ نوع من الأعمال الإنسانية بحيث تحقّق اشباعًا كافيًا للذات.

التّسامي- الاعلاء عملية لاشعورية، يتمّ تحقيقها تدريجياً عن طريق التمسك بالمثل العليا ولكن يتم حدوث الاعلاء والتسامي في السلوك ازاء مواقف الحياة المختلفة، ويجب ان يكون هناك بعض التحكم الشعوري الواضح للدوافع الغريزية ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التعرف على مقومات الغريزة، ويقول علماء النفس التحليلي هنا يكمن خطر الكبت؛ في عملية التسامي يحوّل الفرد دوافعه ورغباته غير المقبولة الى مجالات مقبولة شخصياً واجتماعياً، وهي بهذا الشكل تُعدّ من اكثر العمليات النفسية انتشارًا في الكون ويلجأ اليها معظم الناس بدون توجيه، لأنّها تتم لا شعوريًّا من وعيهم لتحقيق الرغبات الكامنة داخل الفرد، وخصوصًا التي لا يمكن تحقيقها بشكل طبيعيّ مقبول ومفيد، لذا فإنَّ معظم النتاجات الرائعة في الأدب والشعر والفن والرواية والقصة والرسم هي في الحقيقة مظهر من مظاهر الإعلاء والتسامي فيما يعتلج في داخل النفس من انفعالات غريزية، وُجِّهت نحو العمل الخلاّق والمفيد والنافع،.

إذن التسامي أو الاعلاء يعيد التوافق الى النّفس وينعكس هذا التوافق في التعامل مع البيئة الاجتماعيّة الخارجيّة فضلاً عن ان الشخص الذي يستخدم هذه الحيلة الدفاعية يكون مقبولاً لدى الناس بما يقدّمه من انتاج وأعمال فنّيّة أو ممارسات سلوكية. ويقول علماء النفس إنّ توقّفَ الفنّان أو الأديب عن الخلق الابداعي في العمل المنتج في مجال تخصصه قد يدفعه السلوك المكبوت الى صراع داخلي  ممّا ينذر ذلك بالمرض النفسي، وقد أدرك أطباء الامراض النفسية أهميّة التسامي – الاعلاء كوسيلة لتبديد الصراعات الداخلية وتحويلها إلى مجالات مفيدة ومقبولة شخصيًّا واجتماعيًّا ،كما أنّها تمكّن الفرد من الإبقاء على هذه الصراعات مكبوتة وبعيدة عن الشعور.

0 بصمات:

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر