["بشر خارقون"]
شاهدت مؤخّراً برنامجاً على "الجزيرة الوثائقيّة" عن بعض ذوي المواهب الغريبة. متباينون في مواهبهم وقدراتهم؛ فطفلة لم تتجاوز الثالثة عشرة تباع لوحاتها الفنّيّة بمئات آلاف الدولارات، وثلاثينيّ بريطاني لديه مقدرة على حفظ كميّة كبيرة من الأرقام في أوقات قياسيّة، وغيرهما .. إلا أنّ حالتين -بشكل خاص- استرعتا انتباهي واستدعيتا التوقّف
[وللـّــهِ في خلقه شؤون]
هل تمنّيت يوماً يوماً ما لو أمكنك نقل الكتب المدرسيّة أو الجامعيّة إلى "ذاكرتك" كما تفعل على جهاز الحاسوب خاصّتك !! .. دون أن يكلّفك ذلك ساعاتٍ وأيّاماً من الحفظ والمراجعة (قبل أن تنساها يوم الإمتحان!) ؟؟ .. هل ظننت ذلك وهماً طفوليّاً ساذجاً ؟.. أم اعتبرته خيالاً علميّاً؟
كيم بيك (صاحب الصورة المقابلة) يمكنه فعل ذلك !! أو بشكل دقيق يمكنه أن يخزّن في دماغه 98% من أيّ شئ يقرأه لمرة واحدة . كما يمكنه استدعاءه أي وقت أراد !! . عمره (وقت تصوير البرنامج*) 56 عاماً، يحفظ ما يزيد على 12 ألف مجلّد، كما يحفظ الرموز البريديّة لكلّ مناطق أمريكا التي يتجاوز عددها 10 آلاف رمز. معلوماته الضخمة تتراوح في مواضيع الأدب والتاريخ والموسيقى والرياضة وحتى التواريخ والأيّام بشكل مذهل. سأله طبيب في البرنامج: "كيف تعرف كلّ تلك المعلومات؟" فأجاب: "بالنظر الى قلبي وعقلي"
والعجائب التي لا تصدّق لا تنتهي، إذ لدى كيم القدرة على قراءة صفحتين في آنٍ واحد: الصفحة اليسرى بالعين اليسرى، والصفحة اليمنى بالعين اليمنى !! وبذلك يمكنه انهاء قراءتهما في 8-10 ثوان.
أُنتج فيلم سينمائيّ عنه سُمّي (رجل المطر)، سنة 1988 ، وقد حقق أربعةً من جوائز الأوسكار
* حسب ويكيبيديا فقد توفّي قبل نحو 4 أشهر - في نهاية 2009
[متلازمة سافانت - Savant syndrome]
لكن المؤسف في القصة أن الذي مكّن كيم من تلك الموهبة الفذّة إعاقة ذهنيّة وعيب خلقيّ في دماغه يجعله لا يستطيع ان يقوم بتنظيف أسنانه، أوربط أزرار قميصه. ويقوم على رعايته والده/ تُسمّى هذه الحالة النادرة متلازمة سافانت تجعله متمكّناً من الحفظ لكن دون فهم.
[الطفولة الطبيعيّة!!]
الحالة الثانية مختلفة، بطلها طفل "إسرائيلي" لم يتجاوز العاشرة من العمر، عازف بيانو تقام له الحفلات في أوروبا، سأله المذيع: "هل أنت عبقري؟" أجاب: "ليس بعد"
ما أثار اعجابي في قصته والداه، فهما سرّ نجاحه، يقول والداه أنهما أرادا أن بكون ابنهما موسيقيّاً وعازف بيانو، ورغم أنهما غير موسيقيّين إلا أنها ابتاعا بيانو له قبل أن يحضراه من مستشفى الولادة، وكانا يُسمعانه تسجيلات لمقطوعات بيتهوفن قبل أن يعلّماه التهجئة، وقبل أن يبلغ الخامسة كان قد التحق بدورات متخصّصة في العزف على البيانو
تجدر الإشارة للفتاة صاحبة الموهبة في الرسم التي ذكرتها في بداية التدوينة، فقد كانت تقضى ساعات طويلة في تعلّم الرسم منذ صغرها، والآن هي مصدر الدخل الرئيس لعائلتها، وتتنقّل بمعارضها من بلد لآخر، سأل المذيع والدتها:"هل تعيش (أكيانا) طفولة طبيعة؟"
فأجابت الوالدة أن الطفولة الطبيعيّة ليست بالجلوس أمام التلفاز والتحدّث على الهاتف لساعات.. أمّا عندنا فتجد مفاهيم متجذّرة حول الطفولة الطبيعيّة : "لمّن يكبر .. خلّيه هلحين يلعب" (!)
ذكرتني قصة الطفل الإسرائيلي باحدى الطقوس الإسلاميّة المعروفة برفع الآذان في أذن الطفل عند ولادته .. أتساءل هل ذلك مجرد تقليد وعادة؟؟ ،، أم أن صناعة الطفل وبناء الإنسان تبدأ لحظتها ؟؟!
[على الهامش]
- بعض الإضافات عن كيم بيك مأخوذة من صفحته على الويكيبيديا
- رابط مشاهدة فيديو عن كيم بيك على اليوتيوب (باللغة الإنجليزية - غير مترجم !)
- برنامج "بشر خارقون" سلسلة حلقات تبثّ كلّ أحد على الجزيرة الوثائقية، لم أشاهد سوى حلقة هذا الأسبوع .. بانتظار الحلقة القادمة إن شاء الله يوم الأحد الساعة العاشرة ليلاً بتوقيت مكّة المكرّمة (وبيت لحم أيضاً :))
10 بصمات:
مُثير للإهتمام ..
في مُحيط العُلوم نغدو دون قيود
وتتقدمُ بنا الأداة والآله!
لله في خلقهِ شؤون ,
اهتمامكم بالمدوّنة (قالبا)
يجعلها مصدرُ اهتمام أيضاً ..
قُدُماً !
سلامُ الله عليكَ أخي الفاضل
لاا يسعني القول سوى [وللـّــهِ في خلقه شؤون]
تدوينتك مثيرة للانطباع استرعت انتباهي
واجتذبتني لقراءتها حنى النهايه !
أسععدني مروري من هنا و { دمت بوّد }
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لفتة راقية منك أخي الفاضل فبارك الله فيك :)
نقاط رائعة أشرت إليها، النقص قد يعتبر نعمة وما أخذ الله إلا ليعطي، الطفولة تحدّد الكثير في حياة الإنسان - ليس دائما - لكن في أحيان كثيرة :)
بالمناسبة ^^ تبدأ تربية الأطفال مذ كونهم أجنّة في أرحام أمّهاتهم :)
وفّقك الله لكل خير، وزادك من فضله دوما :)
السلام عليكم
قصة الطفل الاسرائيلي لفتت نظري، حيث أنه يمكن فهمها بوجه آخر، يستطيع الأهل اسماع اطفالهم القرآن وهم أجنة ، وقبل أن يتعلموا التهجئة،ليحفظوه مبكرا !
سلام الله محمد
رائع أخي هذا المجهود
دمت في خير
أعجبني ذكرك للاذان والمقارنة مع الموسيقى .. لكن الاذان هو اخر ما يتم تعليمه للطفل للاسف ... وبعد ذلك كما ذكرت خليه يلعب هلحين :)
موضوع رائع ...
.... شادي
تدوينة رائعة جداً
موضوع رائع بالتوفيق
أما الأذان فهو من السنن أن يؤذن الوالد في ولد صغيره أول ولادته
و لأفيدك بقول الشاعر :
أذان المرء حين الطفل ياتي و تاخير الصلاة إلى الممات
دليل أن محياه قـــــــصير كما بين الأذان إلى الصلاة
دمت موفقا
الدين الأسلامي إذا طبق بشكله الصحيح سينتج عباقرة..
مثلا: الطفل المسلم الجزائري عبدالرحمن الذي يحفظ القرآن كاملا ولم يتجاوز الـثالثة ؟!!!
http://www.youtube.com/watch?v=VzobD13q0_I&feature=player_embedded
هناك أيضا الطفل الخطيب المفوه (مسلم سعيد)
http://www.youtube.com/watch?v=xT_DrkX5g5s&feature=related
..
لكن من يلقي الضوء عليهم في التلفاز والبرامج مثل الطفل الأسرائيلي؟؟
موضوع رائع .. أحببت ان اشاهد البرنامج من موضوعك " يعني لما يكون معي وقت خخخ "
كتاباتك رائعة ولها ميزة خاصة تترك في القارئ أثرا جميلا ..
أتمنى لك مزيدا من التقدم والنجاح ..
إرسال تعليق
اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر