3 ديسمبر 2010

الاتّجاه المعاكس.. شعرًا

[ممّا جادت به قرائــحُ أعلام البيان 6]
 يقول أحمد شوقي:
قُم للمعلّم وفّه التبجيلا .. كاد المعلّم أن يكون رسولاً

فردّ عليه إبراهيم طوقان الذي كان معلّمًا:
شوقي يقول وما درى بمصيبتي .. قُم للمعلم وفّه التبجيلا
اقعد فديتك هل يكون مبجلاً .. من كان للنشءِ الصغار خليلا
ويكاد يقلقني الأّمير بقوله .. كاد المعلم أن يكون رسولا
لو جرّب التعليمَ شوقي ساعةً .. لقضى الحياة شقاوة وخمولا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال أبو تمام :
نقّلْ فؤادَكَ حيثُ شئتَ من الهوي ... ما الحبُّ إلاَّ للحبِيبِ الأوَّلِ
كَمْ منزلٍ فِي الأرض يألفُهُ الفتي ... وحنينهُ أبداً لأوّلِ منزلِ 


لكنّ العلوي الأصبهاني يقول:
دعْ حبَّ أولَ من كلفتَ بحبّه.. ما الحُبُّ إِلا للحبِيبِ الآخرِ
ما قدْ تولَّى لا ارتجاعَ لطيّبهِ .. هَلْ غائبُ اللَذَات مثلُ الحَاضرِ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال شاعر:
إنّ القلوبَ إذا تنافر ودّها .. مثل الزجاجة كسرُها لا يُجبر

فردّ عليه آخر:
إنّ القلوبَ إذا تنافر ودّها ..  عند الصالحين فجبرها لا يَعسُر
أمّا قلوب الحاقدين فإنّها .. مثل الزجاجة كسرُها لا يُجبر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



يُروى أنّ الشافعي نظر إلى امرأة فقال:
إنّ نساء شياطينُ خُلقن لنا .. نعوذ بالله من شرِّ الشياطين

فردّت عليه المرأة:
إنّ النساء رياحين خُلقن لكم .. وكلكّم يشتهي شمّ الرياحين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أهدى شاعرٌ صديقَه "توفيق" حذاءً وقال له:
لقـد أهديت توفيقاً حذاءً .. فقال الحاسدون: وما عليه؟
أما قال الفتى العربي يوماً .. شبيه الشيء منجذبٌ إليه ؟ 

فردّ صديقه عليه:
لو كان يُهدى إلى الإنسان قيمتُه .. لكنت أستأهلُ الدنيا وما فيها
لكنْ تقبّلت هـذا النعلَ مُعتقداً .. أن الهدايا على مقدار مُهديها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تردّد ثقيلٌ على ظريف وأطال ترداده عليه حتى سئم منه،
فقال له الثقيل : من تراه أشعر الشعراء؟
فأجاب الظريف: هو ابن الوردي بقوله:
غِبْ وزُرْ غبًّا تزِدْ حبّا فمنْ .. أَكثرَ التَردادَ أضْناهُ المللْ

فقال الثقيل: أخطأتَ، فإن النجاريَ أشعرُ منه بقوله:
إذا حقـّقتَ مِـنْ خِــلٍّ ودادًا .. فزُرْهُ ولا تَخفْ منهُ ملالاَ
وكنْ كالشمسِ تطلعُ كلَّ يومٍ .. ولا تكن في زيارته هلالا

فأجاب الظريف: إن الحريري أشعر منه بقوله:
ولا تزُرْ مَنْ تحبُّ في كل شهرٍ .. غيرَ يومٍ ولا تزدهُ عليه
وإن لم تصدِّقْني فقد وهبتك الدار بما فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ومع جرير والفرزدق، نختم بمثال على أشهر "اتجاه شعري معاكس" عُرف في الأدب العربي، الذي سُمّي أدبيًّا بـ النقائض

قال الفرزدق مفتخرًا بنفسه وبنسبه:
ان الذي سمكَ السماءَ بنى .. لنا بيتاً دعائمُه اعزّ واطولُ
بيتاً زرارة محتبٍ بفنائه .. ومجاشعٌ وابو الفوارس نهشلِ
احلامنا تزن الجبال رزانةً .. وتخالنا جُناً اذا لم نجهلُ
خالي الذي غصب الملوك نفوسهم .. واليه كان حباء جفنة يُنقلُ
انا لنضربُ راس كلِّ قبيلةٍ .. وابوك خلف اتانه يتقمّلُ 

فردّ عليه جرير:
إنّي اعددتُ للشعراء سمًّا ناقعًا .. فسقيتُ اخرَهم بكأسِ الأوّل
اخزى الذي سمكَ السماءَ مجاشعًا .. وبنى بناءَك في الحضيضِ الاسفلِ
كان الفرزدقُ إذ يعوذ بخالهِ .. مثلَ الذليل يعوذُ تحت القرملِ
إنّي انصببتُ من السماءِ عليكم .. حتّى اختطفتك يا فرزدقُ من علِ
احلامُنا تزن الجبالَ رزانةً .. ويفوقُ جاهلُنا فعالَ الجُهَّلِ
إنّ الذي سمكَ السماء بنى لنا .. عزًّا علاكَ فما له من منقلِ

1 بصمات:

حرّة من البلاد..! يقول...

أخي محمد
شكرا لاطلاعنا دائما على ما هو قيم وجميل في الادب
تحياتي لشخصك الكريم

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر