16 مارس 2011

الحيل الدفاعيّة

قسّم سيجموند فرويد أنّ النفس البشريّة الى ثلاثة مستويات.. واعتبر أنّ الشخصيّة هي محصلة التفاعل بين هذه المستويات:

- الـ هُوَ ID : يعمل وفق مبدأ اللذة وتجنّب الألم.  ولا يراعي المنطق والأخلاق والواقع. وهو لا شعوري كليّةً.

 - الأنا العليا super-ego :  مثالي وليس واقعي، ويتجه للكمال لا إلى اللذة. وهو شخصية المرء في صورتها الأكثر تحفظاً وعقلانية، حيث لا تتحكّم في أفعاله سوى القيم الأخلاقية والمجتمعية والمبادئ، مع البعد الكامل عن جميع الأفعال الشهوانية أو الغرائزية. يمثل الأنا الأعلى الضمير.

- الـ أنا ego : هي شخصية المرء في أكثر حالاتها اعتدالاً بين الهو والأنا العليا، حيث تقبل بعض التصرفات من هذا وذاك، وتربطها بقيم المجتمع وقواعده، حيث من الممكن للأنا ان تقوم باشباع بعض الغرائز التي تطلبها الهو ولكن في صورة متحضرة يتقبلها المجتمع ولا ترفضها الأنا العليا.
  = مثال: عندما يشعر شخص بالجوع، فان ما تفرضه عليه غريزة البقاء (الهو) هو أن يأكل حتى لو كان الطعام نيئاً أو برياً، بينما ترفض قيم المجتمع والأخلاق (الأنا العليا) مثل هذا التصرف، بينما تقبل الأنا اشباع تلك الحاجة ولكن بطريقة متحضرة فيكون الأكل نظيفاً ومطهواً ومعد للاستهلاك الآدمي.

ويوازن الـ أنا بين رغبات الـ هو وما يعارضها من الـ أنا الأعلى والعالم الخارجي، وإذا فشل في ذلك أصابه القلق ولجأ إلى تخفيفه عن طريق الحيل الدفاعية.

نستخدم هذه الآليّات لا شعوريّاً. في حالات كثيرة يكون اللجوء إلى الوسائل الدفاعية أمر طبيعيّ وصحّي، ولكنّها تصبح ضارّة عندما تستَخدم بكثرة وبشكل يشوّه الواقع ويبتعد عنه.
~ ~

صنّف العالم جورج فيلان هذه الحيل إلى أربعة مجموعات،
(سأكتفي بذكر أمثلة محدّدة -دون اسهاب- على كلٍّ واحدة منها:)
 = الآليّات المرضيّة:
    - الإنكار:  يحاول به الفرد بناء أوهام قائمة على إنكار الواقع ومن ثم التصرف في ضوء هذه الأوهام الذاتية بغض النظر عن مدى تناقضها مع الواقع . مثل رفض الطفل لموت والده أو والدته والعيش في وهم بتصوره أنها سافرت وسوف تعود عمّا قريب، وذلك لعدم قدرته على مفارقتها .

    - التقسيم: لا يتقبّل الفرد الناس على أنّهم مزيج من السلبيّات والايجابيّات، فيرى الأشخاص على إنهم إمّا شر مطلق أو خير مطلق.

 = الآليّات غير الناضجة:
 استخدامها المفرط يؤدّى إلى مشكلات حقيقيّة، لكنّها توجد بشكل عادي عند البالغين.
    - الخيال: يؤدي إلى تخفيض توتر بعض الدوافع من خلال تبديدها. ويخفف عن الإنسان الكثير من الضغوط الواقعة عليه.
من الممكن أن يصوغ الانسان العديد من السيناريوهات في عقله وبها يجد العديد من الحلول إذا ما استخدمت استخداماً أمثل في الوصول إلى نتائج تحقق الراحة النفسية، ولكن تصبح حالة مرضية باستمرارها وتحويل الواقع إلى أحلام يقظة.

    - الإسقاط: ينسب الفرد ما في نفسه من عيوب وصفات غير مرغوبة ورغبات محرمة إلى غيره من الناس ويلصقها بهم وبصورة مكبرة.

    - الجسدنةتتحوّل المشاعر العاطفيّة إلى أعراض جسديّة (غير مصطنعة) مثلاً: قد يشعر الطالب بألم في المعدة قبل وقت الامتحان، أو يشعر الشخص باضطراب عندما يحين موعد لقاء حبيب أو قريب له.

 = الأليّات العصبيّة:
قد يكون لاستخدامها فوائد على المدى القصير، لكن على المدى البعيد تظهر تأثيراتها السلبيّة على العلاقات الاجتماعية، والعمل، وأمور حياتيّة أخرى، ومن شأن هذا السلوك أن يحرم صاحبه من التبصر بأفعاله والتحكم فيها ومراجعه أخطائه. وهو لا شعوري كليّاً
    - الإزاحةهى توجيه الأنفعالات الشديدة نحو أشخاص أخرين غير الأشخاص الحقيقيين الخاصين بالمشكلة أو المثير القائم ضد الفرد القائم بالأزاحة. مثلاً قد تضرب الأمّ ابنها لأنّ زوجها سبب غضبها! (والزوج يصرخ في زوجته لأنّ مديره في العمل سبب غضبه... وهكذا!)

    - التبرير: يتولى الفرد تعليل الأمور وتبريرها عن طريق اختلاق أسباب تبدو منطقية ظاهريًّا ولكنها غير حقيقية في واقع الأمر؛ وذلك لإخفاء الدافع الحقيقي الذي يبقى حبيس اللاوعي والذي لو ظهر لكان سببًا في إصابة الشخص بالضيق وعدم الاستقرار النفسي.
والتبرير عملية لا شعورية يقنع فيها الفرد نفسه بأن سلوكه لم يخرج عما ارتضاه لنفسه من قيم ومعايير. ويقصد الفرد من وراء مثل هذاالسلوك: الدفاع عن الذات والحفاظ على احترامها. التخفيف من حدة الإحباط بالنسبة للأهداف التي تعذر عليه تحقيقها.
وهي بالضبط ما يعبر عنه المثل الشعبي: "اللي ما يطول العنب يقول عنه حصرم/ حامض" (!)
ومن الأمثلة على هذه الحيلة:
 - الطفل شديد الخجل الذي يبرر فشله في التفاعل الاجتماعي في المدرسة وعدم وجود أصدقاء له بأن يقول أن جميع الطلاب على مستوى خلقي وضيع وهو لا يحب أن يكون مثلهم إنما هو يبرر خجله ولكن بطريقة لا تمسه.
 - الشاب المصدوم عاطفياً يواجه قلق الفشل والإحساس المؤلم بالإهانة بأن يقنع نفسه بأن هذه الفتاة لم تكن ملائمة له... وأن مشاعره تجاهها لم تكن حباً يستحق البكاء عليه وإنما كانت وهماً كبيراً أنقذته الأقدار منه.
 - اعتقاد الفقير بأن الفقر نعمة، وأن الثروة والغنى يجلبان له المشاكل والهموم.

 = الآليّات الناضجة:
يُتبع >>

1 بصمات:

غير معرف يقول...

أضفت لمعلومآتي الكثير ؛
شكرن جداً جزيلاً .. لك ؛
(f)
..
م.سلوى ،،

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر