1 أبريل 2010

لغتي .. هُويّتي

[ بين اليوم والأمس ]
صحيحٌ أنه ظهرت بعض الدعوات في القرن الماضي تدعو لـ"تطوير" اللغة العربية بما يتواكب مع العصر (!)، وصلت حدّ المطالبة باحلال اللهجات العاميّة محلّ اللغة الأم، إلا أنه -كما يبدو لي- أنّ أحداً لم يشغل نفسه بالرد على هذه الدعوات أو مناقشتها؛ فهي ببساطة لا تحتاج ردّاً؛ كما أنّها لم تتجاوز مسامع الناعقين بها
ألا تــرى أنّ السيـــفَ ينقــــصُ قـــدرُه
إن قيلَ إنّ السيفَ أمضى من العصا ؟!

[ وتتوالى السقطات ! ]
لكن ومع استمرار رقيّ أمّتنا على السلّم المعكوس للثقافة والأخلاق والقيم فإن هذا التنظير أصبح شبحاً واقعاً يطارنا من منبر إلى آخر؛ البداية كانت مع قناة ناشيونال جيوجرافيك - أبو ظبي، التي استبشرت بها شخصيّاً؛ لتأتي فتتحفنا ببرامج وثائقيّة باللهجة العاميّة (!)...
وفي الوقت الذي عدلت فيه القناة عن هذه الخطوة الحمقاء، فإنّ قنوات أخرى تصرّ على خوض ذات التجربة فتبثّ برامج ثقافيّة وحواريّة وحتى إخباريّة بلهجاتها العاميّة، .. على أيّة حال هذه الخطوة وغيرها ليست بمستغربة على هذه القنوات (أو بالأحرى "الأدوات" ) بالنظر لمالكيها ورؤاهم وآرائهم.

[ قناة الرسالة .. الــ "خليجيّة" ! ]
أمّا ما يثير الغضب والاستهجان أنّ قناة إسلاميّة -ويا لهول الصدمة!- ترسّخ هذه الدعوات وتضيف نفسها لتلك القائمة من القنوات. أكثر ما أثار حنقي -وما دعاني لكتابة هذه التدوينة- برنامج "جيل الرسالة" ، وهو برنامج شبابيّ حواري يُبثّ على قناة الرسالة، وكغيره من غالبيّة برامج الرسالة الحواريّة، فإنّ المقدّمين يستخدمان لهجتهما العامّية في البرنامج، ولئن تأولّنا لهما عذراً كون البرنامج يبثّ مباشرة وسليقتهما لا تسعفهما (وهذا عذرٌ أقبح من ذنب) فإنّ ما يُنظر إليه على أنّه سقوط فظيع ولا يمكن بحال من الأحوال إعتباره مجرّد هفوة ~ أنّ تقارير البرنامج -المُعدّة مُسبقاًَ- تستخدم اللهجة العامّية ... (!)

هل "جيل الرسالة" الذي تبتغيه (الرسالة) من مقوّماته التحدّث بالعاميّة على المنابر ؟ 
أم أنّ "الجيل" المستهدف إعلاميّا من هذا البرنامج لا يفهم لغته الأم، في حين -يفترض أن - يفهم لهجة محليّة ربما لم يسمع بها من قبل ؟!
أم أنّ جمهور هذا البرنامج من بيئة معيّنة؟!
ــــ
أليس من المشرّف التحدّث بلغة القرآن؟ أليس الحديث باللغة العربية من شعائر الإسلام ؟ !!
غاية ما أتمنّاه وأقصى ما أرجوه أنّ قناة تزعم أنّها إسلاميّة ،، أن تحدّثنا بلغة الإسلام ... وحسب ... !

[ اللغة العربيّة ترثي نفسها ! ]
لـ / حافظ إبراهيم

رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني ~ عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي

وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغاية ً ~ وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ ~ وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن ~ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَة ً ~ وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ
أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً ~ فيا ليتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ
أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً ~ مِنَ القبرِ يدنينِي بغيرِ أناة ِ
سَرَتْ لُوثَة ُ الافْرَنجِ فيها كمَا سَرَى ~ لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ

إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ ~ بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى ~ وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ ~ مماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْ بمماتِ

[تحديث]

5 بصمات:

مَريم عبد الحكيم يقول...

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أنتَ الآن تتحدّث عن برنامج "راقي" ويعرض على قناة "راقية" و "مميّزة" >> هكذا يقول البعض !

فما بالك عندما نكون في البيت والشّارع والمدرسة ، وحين تختلط لغتنا العربيّة (العاميّة بالطّبع!) مع لغات أخرى أجنبيّة ، كالإنجليزيّة والفرنسيّة ، ولا ننسى العبرية أيضاً !!

تدوينة مهمّة للغاية ، عسى أن يستمع إليك أحد !
بارك الله فيك أخي محمّد ..

\\

العابرة بابتسامة :) يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :)

الأخ الفاضل " محمّد" -

بداية هي تدوينة قويّة ومهمّة جدا، فبارك الله فيك وجزاك خير الجزاء ^^

لن أقول، أسمعت لو ناديت حيّا..

لكن، أذكر أنّني كتبت موضوعا عن الخلط في أحاديثنا العاميّة مع اللغتين العبريّة والإنجليزيّة، وعن الغزو الثقافي والفكري الموجّه لفلسطينيو48 اليوم!

لكن فعلا، هنا، في الموضع الذي طرحته أنت أخي ما الهدف؟؟؟ ما النفع الذي ترجوه القناة " الإسلاميّة " من هكذا خطوة؟؟

عذرا، الكلمة يجدر بها أن تنبع من قناعات ثمينة،فأيّة قناعات هي التي يعبّر عنها أهل الرسالة الآن في حين أنّهم - ما شاء الله!! - ينصحون الشباب بالقراءة والتثقّف والبدأ بالتخطيط لكتابة الكتب!!!! هم بأنفسهم نادوا بهكذا نداء في أمس القريب !! واليوم برامج " ناهضة" باللغة العاميّة!! ترى ماذا يكون غدا؟؟

أخشى أن الدعوة ستكون للتخطيط لكتابة الكتب باللهجات العاميّة !!!

لا حول ولا قوّة إلا بالله

بارك الله فيك

ديمه يقول...

موضوع مهـم جدا وتناولتـه بطريقه جيّدة يا محمد .
بصراحه.. من أكثر الاشياء مؤلمه الآن هي بعد العرب عن هويتهم ! فهم لا يعرفون من هم .. فهل يعرفون لغتهم ؟
هم تقمصوا شخصيه الغرب و نسوا انفسهم و ماضيهم العظيم و ذلك الارث التاريخي الضحم .. شيء طبيعي جدا ان ينسوا ايضا لغتهم ..! فماذا نحـن بفـاعلـون ؟

أفكـر جديـا في انشـاء حملـه عن اللغه العربيه في جـامعـتي .. ستكون محاوله جديه مني في تحسين النظرة الى لغتـنا التي هي هويتنا و تاريخنا .

مُحمَّد تــوك يقول...

وعليكنّ السلام ورحمة الله وفيضٌ من بركاته ،،

الأخت مريم ،،
حال اللغة محزن على كل الأصعدة، أما أن يكون حالها هكذا على هذه "القناة" فهذا أشدّ إيلاماً !

الأخت العابرة ،،
(حيّاك الله في مرورك الأول على المدوّنة، وأرجو إلا يكون مروراً "عابراً" ^_^)
نسأل الله أن يكون من ننادي حيّاً،.. وحييّاً أيضاً فبرامج عاميّة على هذه القناة فعلاً أمر مخجل ومخزٍ !!
ناهيك عن أنها تناقض "رسالتها" !!

الأخت ديمه ،،
أهلاً بك زائرة لمدونتي "دائماً" :)
واقع العرب من ألفه إلى يائه مؤلم ،،
أحيّي فيك -وبشدة- هذه الروح الإيجابية في التعامل مع هذه القضية المهمّة.. وأرجو أن تتوفّقي في هذه (الفكرة) الجميلة .. وربما تكتبي -لاحقاً- تدوينة تشجّع غيرك على أخذ زمام المبادرة مثلك .. بارك الله بجهودك
---
شكراً لمروركنّ.. وبارك الله فيكنّ

دعاء غنايم يقول...

السلام عليكم
بارك الله بك اخي الكريم محمد على هذه التدوينة
التي هي بمحلها..وبمركزها..فكما نرى هنالك هجوم غريب من نوعه على اللغة العربية ومن قِبَل من؟!..من قِبَل اهلها وأبنائها..
وكما ذكرت الأخوات أعلاه..المصيبة الكبرى تكون عندما تختلط وتندمج لغتنا العربية لغات أخرى..كم يشوه ذلك لغتنا الراقية الجميلة السامية؟!!!

ماذا عسانا نقول سوى لا حول ولا قوة إلا بالله..نسأل الله الهداية

بوركت اخي على التدوينة

إرسال تعليق

اترك بصمة.. و اعلم أن هناك من يقتفي الأثر